ARIJ Logo
ogo

نجل مبارك يحرّك
أمواله من السجن

20/09/2020
تسريبات تحويلات جمال مبارك من داخل السجن

في الرابع عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 جرت معاملة مريبة داخل بنك PNC BANK الأمريكي، عندما وردت حوالة بنكية قدرها 112 ألف دولار من بنك ALPHA في قبرص إلى حساب أحد عملائه في البنك الأمريكي، ما دفع البنك إلى تقديم بلاغ عن حدوث "نشاط مصرفي مشبوه" إلى "هيئة مكافحة الجرائم المالية الأمريكية" (FinCEN).

وُجِّهَت الشكوى ضدّ عميل البنك ديمتري شاركس، بعد بحث أجراه البنك عن تلقيه أموالاً من شركة MED-INVEST LTD وأرجع البنك ملكية الشركة إلى جمال مبارك، الابن الأصغر للرئيس المصري حسني مبارك.

أورد البنك في سياق تقريره أنّ "مبارك ونجليه، علاء وجمال، قيد الحجز على ذمة قضايا فساد وقتل وإساءة استخدام للسلطة". وتضاعفت شبهات البنك بعد تحليل أجراه أسفر عن أنّ مجموع الأموال المرسلة إلى الشركة الأمريكية الكائنة في ولاية وايومنغ التي تعد جنة ضريبية بلغ 1.7 مليون دولار في الفترة بين 18 أيار/ مايو و28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، أي في الوقت الذي كان فيه الأب والابنان قيد الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا فساد وقتل متظاهرين، رُفعت ضدهما وضد عدد من قيادات مبارك بعد اندلاع ثورة يناير 2011 التي أسفرت عن سقوط نظام مبارك.

تشير مستندات التحويل التي حصلت عليها شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) ومنصة (BuzzFeed News) إلى أنّ شركة MED-INVEST LTD أرسلت إلى شركة MEDICAL INNOVATIONS & TECHNOLOGIES على مدى أسبوعيْن من 14-28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 أربع حوالات بلغ مجموعها 422,797.02 دولاراً.

مصدر الأموال

طبقاً لبيانات الحوالات البنكية، فإنّ العنوان المسجل لشركة MED-INVEST LTD يقع في جزيرة سيشل، تحديداً في 306 VICTORIA HOUSE, VICTORIA, MAHE SC، وهو مقر تسجل فيه عشرات من شركات الأوفشور (offshore)، وفقاً للسجلات العامة.

ويتشابه اسم هذه الشركة مع اسم شركة MedInvest Associates Limited التي أسسها جمال مبارك في 1996 في بريطانيا وهي تحمل الرقم 03188793، ما جعل البنك الأمريكي يرتاب في مصدر هذه الأموال.

وجاء في سياق تقرير البنك اقتباس مأخوذ من مقالة منشورة في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، جاء فيه "بعد أن ترك جمال مبارك منصبه في بنك أوف أمريكا، أسس شركة استثمار باسم Medinvest Associates في لندن عام 1996 مع شريكيْن".

ورغم أنّ جمال مبارك استقال من الشركة في عام 2001، إلّا أنّ الشركة استمرت حتى شباط/ فبراير 2012، وفقاً لسجلات الشركات البريطانية. وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية أنّ الشركة حُلّت "ما قد ينقل أصولها بعيداً عن أعين المراقبين".

كما تضمّن تقرير بنك PNC إشارة إلى ما أوردته صحيفة نيويورك تايمز أنّ MedInvest Associates Limited كانت مملوكة لشركة Bullion المحدودة، وهي الصندوق الائتماني الدولي في قبرص "international securities fund".

وتتوزع أسهم شركة Bullion على عدد من المساهمين، يملك فيها جمال مبارك نسبة 50% من الأسهم، بجانب حصة يملكها شقيقه علاء، وفقاً لما جاء في مستندات حصر ممتلكات عائلة مبارك الذي أجراه في العام 2011 جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل المصرية.

واستحوذت Bullion، وفقاً لبحث للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية أجرته بالتعاون مع المنظمة البريطانية The Corner House، على 35% من الأسهم في إحدى شركات مجموعة هيرمس المالية وهي شركة EFG-Hermes Private Equity المسجلة في جزر العذراء البريطانية.

وفقاً لتحقيق أجراه موقع "مدى مصر"، فإنّ الشركة الأخيرة انبثقت عن شراكة بين شركة Bullion والمجموعة القابضة المالكة للبنك الاستثماري المصري EFG Hermes، التي تملك 65% من الشركة المسجلة في جزر العذراء. وارتبطت مجموعة الاستثمار EFG Hermes بعقد خدمات استشارية لشركة EFG-Hermes Private Equity التي ساهم جمال مبارك بمبلغ 1750 دولاراً في رأس مالها البالغ 10 آلاف دولار. ووفقاً للتحليل الذي أجراه "مدى مصر" فإنّ جمال جنى في الفترة بين 2003 و2009 أرباحاً ضخمة تبلغ 497 مليون جنيه مصري (87 مليون دولار وفقاً لسعر الصرف في 2011) ناتجة عن مساهمته الاستثمارية البسيطة في الشركة التي تقع في جزر العذراء التي تعد واجهة لشركات الأوفشور.

وتملك EFG-Hermes Private Equity صندوقيْن استثمارييْن باسم EFG Capital Partners واحد واثنين، إلى جانب صندوق حورس واحد الذي تساهم فيه شركة Pan World بحصة استثمارية تبلغ 250 ألف دولار، والشركة الأخيرة مملوكة لعلاء مبارك، وفقاً لمستندات الكسب غير المشروع.

ووفقاً لتقرير صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في 2013، فإنّ هذه الصناديق الاستثمارية بجانب صندوق Horus Food and Agribusiness المنبثق هو الآخر عن شركة EFG-Hermes Private Equity، دخلت في استثمارات موسعة إلى سوق الأعمال المصري، عبر الاستثمار في عدد من الشركات والبنوك المصرية الخاصة، على رأسها البنك الوطني. والاستثمار في هذا البنك هو الذي فتح القضية 10437 لسنة 2012 جنايات العجوزة المعروفة إعلامياً باسم "التلاعب بالبورصة" التي اتُّهم فيها جمال وعلاء بجانب آخرين بالاستيلاء على ملياريْن و51 مليوناً و28 ألفاً و648 جنيهاً بالمخالفة للقانون. قبل أن تقضي المحكمة في شباط/ فبراير 2020 ببراءة المتهمين.

بالإضافة إلى ذلك، أدارت Bullion الصندوق الاستثماري International Securities Fund الموجود في قبرص الذي تساهم شركة علاء مبارك Pan World Investment بنسبة 10% من إجمالي أسهمه، وفقاً لمستندات الكسب غير المشروع.

وكان من المفترض أن تجمّد أموال عائلة مبارك بما فيهم MedInvest Associates Limited التي حُلَّت بعد قرار التجميد بنحو عام، وذلك بموجب القرار الصادر عن الاتحاد الأوروبي رقم 172 لسنة 2011 في آذار/ مارس 2011.

ولم ينص قرار الاتحاد الأوروبي على حجم الأموال المجمدة في أوروبا على عكس سويسرا التي أعلنت تجميد 410 ملايين فرنك سويسري (428,373,000 دولار أمريكي) متحصلة من 12 شخصاً نافذاً في النظام الذي أطاحت به ثورة يناير.

وبالرغم من تجديد قرار التجميد الذي اتخذته محكمة العدل الأوروبية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، كشفت وثائق بنما التي نُشرت في ربيع 2016 وغيرها من التحقيقات الصحفية الأخرى عن عدم التزام سلطات جزر العذراء بقرار تجميد الأموال الموزعة على عدد من شركات الأوفشور الكائنة بشكل أساسي في قبرص وجزر العذراء البريطانية.

ووفقاً لتحقيق نشره موقع درج، تمّ انتهاك قرار التجميد، بمواصلة إجراء تعديلات قانونية، سمحت لشركة علاء مبارك أن تُحلَّ بالمخالفة للفقرة "ب" من المادة الأولى من المفهوم العام لتجميد الاتحاد الأوروبي للأصول المالية، وهي الفقرة التي تنصّ على أنّ "تجميد الأموال يعني منع أيّ نقل أو تحويل أو تعديل أو استخدام أو الوصول إلى أو التعامل مع الأموال بأيّ طريقة يمكن أن تؤدي إلى إدخال تغييرات في حجمها أو كميتها أو موقعها أو ملكيتها أو حيازتها أو طابعها أو وجهتها أو أي تغيير أو تعديل آخر من شأنه أن يمكّن من استخدام الأموال، بما في ذلك إدارة حافظة الاستثمارات".

في المقابل، لم تعلن الولايات المتحدة أيّ إجراء لتجميد أموال عائلة مبارك. ولا يظهر موقع العقوبات الأمريكي التابع لوزارة المالية الأمريكية وجود أيّ تجميد لأموال مبارك.

من 14-26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011
dollar icon
Med-Invest Ltd
ALPHA Bank line
422,797.02 $
PNC line
Medical Innovation and Technologies
dollar icon
Medical Innovation and Technologies
PNC line
440,000 $
PNC line
GTG INC
dollar icon
GTG INC
Bank of America line
100,000 $
PNC line
GTG INC

من تلقّى الأموال

أرسلت شركة MED-INVEST LTD أربع حوالات مالية في الفترة بين 14-28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 بقيمة 422 ألفاً و797 دولاراً من بنك Alpha في قبرص إلى حساب شركة تُدعى MEDICAL INNOVATIONS & TECHNOLOGIES بفرع بنك PNC في أمريكا.

وفقاً للتحويلات البنكية المرفقة في تقرير "النشاط المصرفي المشبوه" المقدم من بنك PNC، فإنّ شركة MEDICAL INNOVATIONS & TECHNOLOGIES بدورها أجرت منذ نفس يوم استلام الأموال، 3 حوالات بقيمة 440 ألف دولار، في الفترة ما بين 14-29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011.

التقرير أوضح أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي سبق له أن اتصل بالبنك بخصوص هذه الحالة، من دون تفسير سبب اهتمام المكتب بهذه التحويلات على وجه الخصوص. فقط عندما أدرك البنك أنّ شركة Medical Innovations & Technologies استلمت أموالاً من شركة معروفة بأنّها مملوكة لعائلة الرئيس المصري الأسبق، أخذ البنك بالتحري وراء هذا العميل.

ولكنّ الأمور ازدادت سوءاً.

إذ وجد PNC أنّه "لا يوجد موقع" إلكتروني لشركة Medical Innovations & Technologies التي يُحتمل أنّها تتاجر في الأجهزة الطبية. وجد البنك أنّ الشخص الذي فتح الحساب البنكي للشركة في 2009 استخدم رقماً تأمينياً اجتماعياً مسجلاً باسم شخص آخر.

وقد أثارت التداولات البنكية لهذا الحساب حيرة البنك الأمريكي، فالأموال المرسلة من شركة مبارك في سيشل عبر الحساب البنكي في قبرص وصلت إلى الولايات المتحدة، وبسرعة اتخذت طريقها إلى شركة أخرى في ولاية وايومنغ الأمريكية تدعى GTG Inc، وهي شركة مبيعات طبية تتعامل مع نفس البنك الأمريكي، PNC. كما ذهبت الأموال إلى حسابات بنكية في الدنمارك وهولندا.

ووفقاً لتقرير PNC، فالحسابان البنكيان لـ Medical Innovation and GTG فُتحا في عام 2009، وكلاهما مسجل على عنوان شركة الأوفشور ذاته في 78 Jasmine Street, Casper.

وواصل التقرير رصده لمن يقف خلف الشركتيْن، فوجد أنّ شخصاً يُدعى ديمتري شاركس وقّع على الحسابات البنكية لشركة Medical Innovation بينما وقّع يوري جاكلين على حسابات GTG. ويعرف PNC معلومات ضئيلة عن كلٍّ منهما. فلا يوجد أيّ سجل عن إيداعات مالية أخرى مسجلة باسم شاركس، أو شركاته. بينما كان عنوان جاكلين هو نفس عنوان شركة لتسجيل شركات الأوفشور على العنوان: 2710 Thomes Avenue, Cheyenne, WY 82001.

وأثار ريبة البنك أنّ "هذا العميل استخدم الأموال ليرسل حوالة بنكية يوم 14 تشرين الثاني/ نوفمبر بقيمة 100 ألف دولار" إلى جانب بعض الحوالات الأخرى، وبالنظر إلى سجل الحوالات اتّضح أنّ الحوالة أرسلت من بنك BANK OF AMERICA باسم شركة GTG INC. إلى الحساب البنكي لنفس الشركة في بنك PNC.

تقف شركة Wyoming corporate services وراء تسجيل شركتيْ GTG و Medical Innovations. وكشفت تحريات البنك أنّ عنوانها الكائن في THOMES AVENUE, CHEYENNE, WY 82001 اتخذته أكثر من 2000 شركة صورية "Shell Company" كعنوان لها، كما جاء هذا أيضاً في سياق تحقيق أجرته وكالة رويترز في عام 2011 حول هذه الشركة.

وفي عام 2010 انتقلت وكالة التسجيل لشركتيْ MEDICAL INNOVATIONS & TECHNOLOGIES وGTG INC إلى شركة Investment Tax International المسجلة في كانون الثاني/ يناير 2009 في نفس العنوان الذي اتخذته الشركتان مقراً لهما وقت حدوث التحويلات المشتبه فيها: Jasmine Street.

وبينما أُدرج يوري جاكلين كمدير لشركة MEDICAL INNOVATIONS & TECHNOLOGIES على موقع سجلات الشركات في الولاية الأمريكية، فإنّ مستندات الشركة تكشف أنّ من كانت تتولى إدارة الشركة وقت حدوث التحويل في 2011 هي سارة بيترا مايرس التي تدير أكثر من 1200 شركة أخرى مسجلة في وجهات أوفشور عالمية. وأبلغ بنك PNC في تقريره أنّ توقيع الحساب البنكي لشركة Medical Innovations & Technologies يحمل اسم ديمتري شاركس.

وفقاً للتقارير السنوية المقدمة إلى سلطات Wyoming، تغيّر مدراء الشركة بشكل دوري بين 2010 و2017. كما أنّ شركتيْ Medical Innovation and Technology وGTG Inc اندمجتا في أيار/ مايو 2015، إلّا أنّ توقيع جاكلين ظهر وقتها على الاتفاق بالنيابة عن شركة GTG Inc. وفي 2018، ظل جاكلين مديراً للشركة الجديدة الناتجة عن اتحاد الشركتين، مسجلاً نفسه على عنوان في جمهورية التشيك. بينما ظهر له عنوان آخر في روسيا بحسب مستندات محفوظة في سجل شركات ولاية وايومنغ.

في آب/ أغسطس 2012 طلبت روسيا تسليم جاكلين من براغ لاتهامه في قضايا تزوير، وفقاً لمستند المحكمة الذي جاء فيه أنّه "كثيراً ما اشترك في أنشطة استيراد معدات طبية من أجل تحقيق أكبر قدر من الربح المادي. لقد وضع مصالحه الخاصة فوق المصالح العامة المشروعة".

زعمت روسيا أنّ جاكلين أمدّ المستشفيات العامة في 2009 بآلات تصوير مقطعي "بأسعار باهظة الثمن لسرقة الميزانية، وشارك بنجاح في عمليات تشغيل لآلات طبية عالية ذات تكنولوجيا فائقة في روسيا، مشاركاً في عملية تشكيل سوق الإمداد لهذه الأجهزة التي تمّ تسعيرها لصالح المؤسسات العامة".

ولكنّ وزارة العدل التشيكية رفضت تسليم جاكلين، وكما جاء على لسان وزيرها، فإنّ الاتهامات الموجهة إليه لا تعد جرائم في التشيك.

ولقد تحدثت ICIJ إلى كانيدي جاكسون الوكيل المسجل للشركة في ولاية وايومنغ، وهي الشركة التي عرفنا أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي كان مهتماً بشأنها.

قال جاكسون إنّه ليس لديه أيّ علم بادعاءات ارتكاب مخالفة أو أيّ شيء من شأنه إثارة اهتمام مكتب التحقيقات بالأمر :"ليس لدي فكرة. أنا مجرد موظف تسجيل. ليس لدي دخل بالسياسة".

وأضاف وكيل تسجيل شركة Medical Innovations & Technologies Inc: "كل ما أقوم به بصفتي وكيل تسجيل يعد سرياً. أنا لا استطيع التحدث. فمهما كانت المعلومات التي لديك، فهي تعد انتهاكاً للخصوصية".

وإجابة على سؤال حول إجراءات التدقيق الواجب على شركات التسجيل اتخاذها بشأن عملائهم، أوضح جاكسون: "كما تعلم، أقوم بإجراء أبحاث لمعرفة ما قد يحدث. لكن بشكل عام، فالتحريات التي أجريها تقتصر على ولاية وايومنغ، أنا لا أبحث في كل مكان في العالم، لا اكتشف ما إذا كان المالكون يفعلون شيئاً مشبوهاً في مكان ما. إذا اكتشفت أنّهم يفعلون شيئاً خاطئاً، كنت سأرفض التسجيل".

وعن أسباب إنشاء شركة في وايومنغ، أرجع جاكسون هذا إلى أنّ "غالبية الأشخاص يؤسسون شركات في وايومنغ وهم لا يعيشون فيها، للاستفادة من معدل الضرائب الأقل المفروض على الشركات. هذا هو السبب الأساسي الذي يجعلهم يقدمون على امتلاك مؤسسة في وايومنغ، لأنّها أرخص من ولاية ديلاوير بولاية نيفادا".

شبكات شركات غامضة

هاتان الشركتان وغيرهما من شركات "الأوفشور" تخفي هوية المالك الأصلي للشركة، مستفيدة من النظم المعمول بها في عدد من الدول والجزر والولايات التي تتيح أنظمتها القانونية لوكلاء التسجيل الاحتفاظ بسرية هوية مالكي الشركات.

وعلى الرغم من أنّ تملّك شركة أوفشور في حد ذاته ليس خرقاً قانونياً، فإنّ عدداً من الدول حول العالم اتهمت شركات أوفشور بالتورط في جرائم غسل أموال، وتهريب ممنوعات، والتغطية على بعض من يشتبه في قيامهم بجرائم متسترين بغطاء السرية الذي تتيحه شركات الأوفشور.

ووفقاً لتقرير منظمة مجموعة العمل المالي الدولية التي تضع المعايير الدولية للممارسات الأكثر نجاعة في مكافحة غسل الأموال، فإنّ ما يثير الشبهات لدى سلطات مكافحة غسل الأموال هو إجراء تحويلات بين كيانات مترابطة، بينما لا يبدو أنّ التحويلات لها أي سبب تجاري، ويرجع ذلك إلى أنّ الغرض من غسل الأموال هو إخفاء المصدر الحقيقي للأصول المالية والمستفيدين من الأموال المرسلة والمستقبلة عبر عدد من الحسابات البنكية.

وينطبق هذا على شبكة الشركات الغامضة الوارد ذكرها في تقرير التحويلات البنكية، فهي تخفي هوية المستفيد الحقيقي من التحويلات، وهي شركات تعمل على تحويل واستقبال الأموال لبعضها البعض عبر مدراء تربط بينهم علاقات عمل مشتركة، ويتضح أنّ الغرض من التحويل هو تحريك الأموال عبر الحسابات البنكية إلى وجهات مختلفة. ولا يبدو أنّ شركتيْ Medical Innovations and Technologies وGTG Inc لديهما أيّ موقع على شبكة الإنترنت يوضح أعمالهما التجارية، كما ورد في تقرير بنك PNC. وما يزيد من اللغز هو أنّ شركة Med-Invest مسجلة في جزيرة سيشل، إلّا أنّها تمتلك حسابات بنكية في قبرص، وهي نفس الولاية القضائية التي سٌجِّلَت فيها شركة شارك في ملكيتها أبناء مبارك.